كتاب مضمار الحقائق وسر الخلائق PDF قال بعض المؤرخين إنه يقع في عدة مجلدات، أوصلها بعضهم إلى عشرة، ولكن ما بين أيدينا لا يشمل إلا سنوات قليلة (ما بين عام 575هـ و582هـ)، ويُسْتَدَل من أولى صفحاته التي وصلت إلينا أن هناك أقسامًا سابقة له قد ضاعت أو دشتت. يدل أسلوب الكتابة على أن مصنفه "الملك المنصور: محمد بن عمر المظفر بن شاهنشاه الأيوبي" أوتي حظًّا من العربية، وأنه كان شديد الاهتمام بعبارته وحسن صياغتها، فهو مشرق الديباجة واضح العبارة غير ذات عوج، وليس من شك في أن تذوقه الأدب والشعر قد انعكسا في كتابته، وليس أدل على اهتمامه بهذه الناحية من استشهاده في كثير من المواضيع بقصائد ذات صلة بالأحداث، على حين أهملها غيره من المؤرخين الذين عرضوا لها في تدوينهم تاريخ هذه الحقبة. ومما يُلَاحَظ إلى جانب هذا، استعمال "المنصور محمد" لضمير المتكلم في أكثر من موضع، فهناك إلى جانب إشاراته إلى "والدي"، نراه يشير إلى اشتراكه في بعض الغزوات التي وقعت في هذه الحقبة، ومن هذا مشاركته الصريحة مع صلاح الدين حين هَمَّ بقصد الاستيلاء على الموصل سنة 578هـ بعد غزوة طبرية وبيسان، ومهد لذلك بزحفه على حلب وجهاد مَن بها لما بلغه عن المواصلة أنهم قد كاتبوا الفرنج وأنفذوا إليهم الرسل وبذلوا لهم الأموال. على الرغم من أن ما وصل إلينا لا يعدو أن يكون سنوات قصارًا تمثل فترة من عهد صلاح الدين، إلا أن مطالعته توضح لنا بجلاء أنه كان لصحابه منهج رسمه في الكتابة والتأليف التاريخي، وإذا كان قد أم سمت غالبية المؤرخين من جعل الكتب على نظام الحوليات إلا أنه كان له نهج لم يحد عنه، إذ قسمه مصنِّفه "المنصور محمد" إلى ثلاثة أقسام: خص القسم الأول بدار الخلافة في بغداد، والثاني منها بصلاح الدين متناولًا في ذلك فتوحاته ومتجدداته وأعماله بمصر والشام، أما القسم الثالث، فجديد كل الجدة ونعني به عنايته التامة بذكر حملة قراقوش التقوي على بلاد المغرب.